العقوبات القضائية في التشريع الجنائي المغربي

العقوبات القضائية في التشريع الجنائي المغربي

بغض النظر عن فلسفة العقوبة فإنها تبقى الجزاء الموقع على مرتكب الجريمة  تناله في بدنه أو ماله أو حريته، وهي في عمومها  إما أصلية تفرض  مستقلة، أو إضافية للأصلية، فتكون تكميلية للعقوبة الأصلية  تصدر مع الحكم، أو  تبعية تنتج عن الحكم بعقوبة أصلية دون حاجة إلى النطق بها في نصه.
 وإلى جانب العقوبة توجد تدابير الوقاية الشخصية أو العينية التي تتخد شكل إجراءات وقائية في مواجهة المجرم نفسه أو تجاه أشياء، أو أدوات عند توافر شروطها  وفي كل ذلك تلعب ظروف  التشديد و ظروف التخفيف،  وحالات التبرير والإعفاء والسلطة التقديرية لقاضي الموضوع دورها في تحديد العقوبة كيفما كان نوعها بالشروط المحددة في القانون.
و قانون الزجر  عن الغش في  البضائع بحكم أنه  زجري يخضع في  العقوبات الناص عليها  بشكل عام  للقواعد العامة  الواردة في القانون  الجنائي ، سواء  من حيث كونها  تشكل الأساس أو باعتبار الإحالات الواقعة منه عليه .
  و لذلك فإن هذا  المبحث سوف نقسمه إلى ثلاتة مطالب :
                 المطلب الاول: العقوبات الجنائية الأصلية
                المطلب الثاني : العقوبات الإضافية و التدابيرالوقائية                     
                  المطلب الثالت:  تفريد العقاب
المطلب الأول: العقوبات الأصلية و الإضافية في قانون زجر الغش التجاري
 تنقسم الجرائم دات العلاقة بموضوع حماية المستهلك من الغش التحاري من  حيث التقسيم الرباعي لها إلى مخالفات،وجنح ضبطية ،و جنح التأديبية،و جنايات وقرر لها المشرع المغربي عقوبات قضائية تصدر عن المحاكم المختصة و ذلك على النحو التالي:
الفقرة الأولى : العقوبات الجنائية و الجنحية الأصلية
 أولا:العقوبات الجنائية الأصلية:[1]
1-الإعدام       
إن الفقرة التانية من الفصل الثاني من قانون زجر الغش تحيل أساسا على ظهير 29-10-1959 المتعلق بزجر الجنايات على صحة الأمة، الذي ينص في فصله الأول بما يلي : "يعاقب بالإعدام الأشخاص الدين قاموا عن تبصر قصد الإتجار بصنع منتوجات أو مواد معدة للتغدية البشرية وخطيرة على الصحة العمومية أو باشرو مسكها أو توزيعها أو عرضها للبيع "، وهو ظهير كان صدر عقب كارثة الزيوت المسمومة التي كان عرفها المغرب في نهاية الخمسينات، مما دفع المشرع إلى تضمين فصله الثاني رجعيته بالنص صراحة على العقاب على الجرائم المبينة فيه و لو سبق اقترافها تاريخ صدور دلك الظهير.
  وهذه الجريمة تعتبر أخطر أنواع جرائم الغش ، عاقب المشرع عليها بالإعدام بسبب هذه الخطورة المتأتية من شموليتها  وعموميتها، وانتشار خطرها الحال أو المحتمل  وذلك لردع كل من يفكر في إتيانها . ويقصد  بالخطر بصفة عامة  كل ما يستهدف  الصحة العمومية بالفعل نتيجة  استعمال  البضائع ، ومن الصعوبة بمكان تقديره تقديرا دقيقا و لكن يجب أن يستجيب لبعض المميزات التي تحدده و هي:  فورية الخطر حيث إنه لا يكون دائما فوريا و قد لا تظهر آثاره أحيانا، إلا لاحقا و بعد مرور زمن طويل على استعمال المنتوج ، الشمولية  حيث يجب أن يتعلق الخطر بعدد كبير من الناس و أن يكون أثره الجماعي متسعا و غير محدد في شخص معين ، أو فئة خاصة و لا يتحقق ذلك إلا إذا كان الإنتاج الاستهلاكي أساسيا وواسع الإنتشار . جسامة الخطر تختلف أهميته اتجاه الصحة العمومية بحسب أهمية الآثار، التي يمكن أن تنتج عن استعمال المواطنين للمنتوج  كالسرطان ، و التسمم, و الشلل...إلخ.و بذلك فإن الخطر المسموح به الدي يرسم حدود الخداع في مجال الصحة هو الدي تتوفر فيه هده المميزات فإذا انحصرت شمولية الخطر و جسامته في نطاق ضيق فإن الفعل يمكن أن يعتبر مجرد جنحة أو جناية يعاقب عليها بسجن أقصاه عشرين سنة .
و تجدر الإشارة كذلك إلى أن علم الرأي العام بما يهدد الصحة و يولد الإضطراب الاجتماعي، هو الذي يلعب الدور الهام في عدم قبول الخطر و يدفع بالتالي السلطات العامة إلى بدء نشاطها لحماية الصحة العمومية .[2]   ومن استقراء ظهير 29-10-1959 و الفصل الثاني من قانون الزجر عن الغش يمكن حصر عناصرها هذه الجريمة في :
1 – القيام بصنع منتوجات أو مواد للتغدية البشرية أو مسكها أو توزيعها أو عرضها للبيع .
2- أن تكون تلك المنتوجات أو المواد خطيرة على الصحة العمومية .
3- أن يكون الخطر الحال أو المحتمل مستهدفا الصحة العمومية  بشكل شامل وغير محدد في شخص معين أو فئة خاصة ، بمعنى أن يتعلق الأمر بإنتاج استهلاكي أساسي أو واسع الانتشار, كنموذج الزيوت المسمومة.
4- أن يقوم الشخص بذلك عن تبصر قصد الإتجار ، فيكون بذلك قصدا خاصا            تتجه الإرادة فيه بالأساس إلى الفعل دون نتيجة.
2 - السجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة
 يتعرض لها كل من ارتكب عمدا فعلا مما نص عليه في الفقرة الأولى من الفصل 2 من قانون الزجر عن الغش،  و نتج عن ابتلاع المواد المذكورة فيها الموت دون نية أحداثه ، مما يجعل العقاب بها يستلزم توفير ثلاثة شروط:
الشرط الأول : يتضمن حالتين :
الحالة الأولى : أن يتعلق الأمر بخداع أو تزييف أو تدليس ارتكب بواسطة منتوجات أو معالجات فيها خطر على صحة الإنسان أو الحيوان.
الحالة التانية : أن يتعلق الأمر بالبيع أو العرض للبيع للحوم أو أسقاط حيوانات يعلم انها ماتت بأمراض أثبت الفحص أنهامعدية أو أمراض طفيلة تنتقل إلى الإنسان  أو أنها معدية أو أمراض طفيلة تنتقل إلى الفحص أنها دبحت لإصابتها  بالأمراض المذكورة .
الشرط التاني : أن يسبب ابتلاع تلك المواد الموت .
الشرط الثالث:ألا يكون القصد من ارتكاب الأفعال هو القتل .
و هذه الجريمة ترتبط بالمواد دون الإنسان ، فهي لا تقصد أدية الإنسان و إنما القصد في الأساس هو غش المواد و المنتوجات بإحدى الطرق المذكورة، أو بيع اللحوم و الأسقاط ذات المميزات المنصوص عليها في الفصل2 أو عرضها للبيع، و الكل دون هدف الإضرار بالإنسان بحيث أن الهدف هو الغش، أما إذا كان الهدف هو إلحاق الضرر، فإن الجريمة تصبح خاضعة للفصل 413 من القانون الجنائي الدي يعاقب على القتل دون نية إحداثه بإعطاء مواد تضر بالصحة و إذا كان القصد هو القتل فإن الجريمة تكيف بكونها جريمة التسميم المنصوص عليها و على عقوباتها في الفصل 398 من ق ج م .


3- السجن من خمس إلى عشر
 يتعرض لها بمقتضى الفصل الثاني من ق.ز.غ.م كذلك  كل من ارتكب عمدا فعلا مما نص عليه في فقرته الأولى ونتج عن ابتلاع المواد المذكورة فيه إصابة الغير بمرض يظهر أنه عضال ، أو بفقدان استعمال عضو ما أو بعاهة مستديمة .
فشروط تطبيقها إذن هي:
الشرط الأول: يتضمن بدوره حالتين :
الحالة الأولى : أن بتعلق الأمر بخداع أو تزييف أو تدليس ارتكب بواسطة منتوجات أو معالجات فيها خطر على صحة الإنسان أو الحيوان .
الحالة الثانية: أن يتعلق الأمر ببيع أو العرض للبيع للحوم أو أسقاط حيوانات يعلم أنها ماتت بأمراض أثبت الفحص  أنها معدية، أو أمراض طفيلة تنتقل إلى الإنسان أو أنها ذبحت لإصابتها بلأمراض المذكورة، فهو إذن يوجب أن تكون تلك الحيونات قد ماتت أو دبحت فعلا لإصابتها بتلك الأمراض، و يظهر الفحص ذلك مع علم المعني بالأمر بحالة اللحم أو السقط قبل بيعه أو عرضه للبيع ،أما إذا انعدم علمه أو لم يظهر الفحص أنها كذلك فإن الشرط ينعدم .
وقد تظهر شهادة البيطري مبررة لحسن النية ،إلا إذا كان هناك تواطؤ .  
 الشرط الثاني : أن يسبب ابتلاع المواد المذكورة إصابة الغير بمرض يظهر أنه عضال أو فقدان استعمال عضو ما أو بعاهة مستديمة .
 و لم يعرف المشرع المغربي شأنه شأن المشرع الفرنسي والمصري  فقدان استعمال  العضو  أو العاهة  المستديمة و إنما اكتفى القانون الجنائي بإعطاء  بعض الأمثلة ، كفقد العضو أو بتره أو الحرمان  منفعته أو عمى أو عور في حين عرفتها محكمة النقض المصرية بأنها تتحقق بفقد أحد  الأعضاء أو أحد أجزائه  وبكل  ما من شأنه النقص من قوته  و تقليل قوته   الطبيعية . و على ذلك  فلا يعتبر من  قبيل العاهة  المستديمة  الإصابة التي  يشقى المجني  عليه منها ، سواء طال العلاج أم قصر لأن خطورة  العاهة المستديمة  أنها ينتج عنها نقص   دائم في مادة  الجسم الإنساني أو في المقدرة الطبيعية لوظيفة أحد الأعضاء .
كما أن القانون لم يشترط أن يكون العجز الطارئ على المصاب بنسبة معينة بالرغم من الأمثلة التي أعطاها ، مما يترك الأمر لقضاة الموضوع للبث على  ضوء ما يستنبطونه من حالة المصاب و ما يستخلص من تقارير الأطباء . أما بالنسبة  للمرض الذي يظهر أنه عضال ، فإنه أمر جديد لم يرد بشأنه نص سابق . الشيء الدي يعني كل مرض لا يرجى شفاؤه  كما عبرعن دلك الفصل 413 من القانون الجنائي  و هو ككل موضوع يعود تحديده إلى الخبراء من الأطباء.
ثانيا: العقوبات الجنحية الأصلية
 إن قانون الزجر عن الغش ينص على خمسة أنواع من العقوبات الجنحية ، كل واحدة تشتمل على  مجموعة من جرائم الغش  مع ظروف التشديد بالنسبة لبعضها  التي تبقى رغم ذلك تحمل  صفة الجنحة تبعا لتعبيره عنها بالجنحة. و نص الفصل   17من القانون الجنائي على   أن العقوبة الجنحية  هي الحبس الذي يتراوح بين شهر و خمسة سنوات باستثناء حالة العود أو غيرها من الحالات التي يحدد فيها القانون مددا أخرى  و الغرامة تتجاوز 1.200درهم .
و يضاف إلى العقوبات الجنحية الواردة في نص قانون الزجر عن الغش عقوبة جنحية أخرى أتى النص عليها و على عقوبتها في ظهير 10-9- 1993 المتعلق بإثبات مدة صلاحية البضائع الإستهلاكية و هو قانون يتعلق يتنفيد قانون الزجر عن الغش  و بذلك يكون عدد العقوبا الجنحية الأصلية ست وهي :
1 - الحبس من سنتين إلى ست سنوات
  هي عقوبة مشددة تنص عليها الفقرة 3من الفصل 2 من ق.ز.غ.م  وتنتج عن حالة ارتكاب الخداع أو التزييف  أو التدليس، بواسطة  منتجات أو معالجات  فيها خطر على  صحة الإنسان أو الحيوان كما تنتج  عن بيع الفاعل أو عرضه للبيع لحما  أو أسقاطا الحيوانات، يعلم أنها ماتت  بأمراض أثبت الفحص  أنها معدية أو أمراض  طفيلية تنتقل  إلى  الإنسان  أو الحيوان أو أن الحيوان التي  أخدت منه تلك  الأسقاط  ذبح لإصابيته  بتلك  الأمراض وتسبب ابتلاع تلك  المواد في إصابة الشخص بمرض أو عجز تتجاوز مدته  20يوما  وبذلك يكون تطبيقها خاضع لنفس الشروط المتعلقة بالجنايات كما ذكرت من قبل .
 وبالتالي فعدم الإصابة بالعجز أو المرض الذي ينتج عنه توقف المصاب عن العمل  أكثر من 20يوما فإن العقوبة تكون هي ما نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل 2الذي ينص على هذه الحالة على إمكانية مضاعفة  عقوبة الفصل الأول من الظهير، و يجب التنبيه تبعا لذلك  أن تلك الفقرة تنص على إمكانية  مضاعفة العقوبة مما يعني ترك الحرية للقاضي ليتصرف بين الحدين الادنى و الأقصى بحالتيه .
2- الحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات و غرامة من 1200.00إلى  24000.00  درهم أو بإحدى هاتين العقوبنين فقط.
و يعاقب بها كل من خادع المتعاقد أو حاول خداعه طبقا للفصل 4 إلى جانب جرائم الغش المنصوص عليها في الفصل 5 من ق.ز.غ .م و الحيازة دون سبب مشروع المنصوص عليها في الفصل 6  من نفس القانون .
3- الحبس من ثلاتة أشهر إلى سنة و غرامة من 200.00 إلى 6000.00 درهم أو إحداهما .
 بمقتضى الفصل 9 تطبق على كل من عمل بوسيلة ما على عرقلة تطبيق قانون الزجر عن الغش أو النصوص الصادرة بتنفيذه، و ذلك بمنع المأمورين المكلفين بالحراسة أو المراقبة من مزاولة مهامهم .
4- الغرامة من 200.00إلى  7200.00 درهم
أ  - تطبق بمقتضى الفصل 10 على كل من  قام بإعلان مهما كان شأنه يشتمل  على ادعاء أو بيان أو عرض كادب أو من شأنه أن يوقع في  الغلط بشأن العناصر التالية :
 وجود السلع أو الخدمات ، وطبيعتها وتركيبها وجودتها و محتواها من العناصر الميدة ونوعها ، ومنشئها ، وكميتها وطريقة صنعها وخصائصها،  وأثمان شروط بيعها ، و شروط أو نتائج  استعمالها،و أسباب وأساليب البيع أو التسليم أو  تقديم الخدمة ، مدى الالتزامات و هوية  أو صفة أو أهلية الصناع  والباعة   والمشهرين و المعلنين و منجزي الخدمات . هذا بالنسبة  لقانون الزجر عن الغش أما بالنسبة لقانون رقم 31-08 فإنه عاقب على الإعلان الكادب بمقتضى المادة 173  من شهر إلى سنة و بغرامة من    100000 إلى  250.000 درهم على مخافات أحكام المادتين 21 و 22 أعلاه .
ب- و بمقتضى الفصل 5 على كل من حرض على استعمال المنتوجات والمواد  المذكورة في نفس الفصل بواسطة الوسائل المدكورة في هذا الفصل .
5-الغرامة من2400.00 إلى 24000.00 درهم
 تطبق بمقتضى الفصل 17 : على مخالفات القرارات المتعلقة بتحديد الصفات التي يجب أن يتميز بها دقيق الحنطة و دقيق القمح ، كقرار فاتح أكتوبر 1973 المغربي المتعلق بتحديد  المميزات التي يجب توفرها في دقيق القمح الطري، والصلب الذي تصنعه و تبيعه المطاحن الصناعية بالمغرب و غيره من القرارت الصادرة .
6 - الغرامة من 12.00إ لى 5000.00 درهم
بمقتضى الفصل 4 من ظهير 1993/9/10 الصادر بتنفيذ القانون المتعلق بإثبات  مدة الصلاحية على المصبرات، و شبه المصبرات و المشروبات المعلبة المخصصة للإستهلاك الإنسان أو الحيوان، فإنه يتعرض كل من خالف مقتضيات هذا القانون بغرامة مالية من 12.00 إلى 5000.00 درهم مع مراعاة العقوبات الأكثر شدة المنصوص عليها في نصوص تشريعية خاصة، و قد نص الفصل 3 من القانون المذكور على منع بيع أو عرض مواد المعينة في الفصل الأول للبيع بعد فوات مدة صلاحيتها.
 كما نص الفصل الأول على وجوب أن تحمل تلك البضائع الإشارة إلى مدة صلاحيتها و حدد كيفية ذلك في الفصول اللاحقة ،ونص الفصل3 من نفس المرسوم على وجوب أن يشار على البضاعة بلصيقة وفق الكيفية التي تحدد بقرار شروط المحافظة الخاصة . و بالتالي فالأفعال التي لا تدخل في أوصاف هذا المرسوم و لو أنها تتصل بالبيانات المتعلقة بمدة الصلاحية، واقعة تحت عقوبات تخص الجرائم المطابقة لتكييفها القانوني حسب الحالة كالخداع أو التزييف و غير دلك مما يهم جرائم غش أخرى كما سبق يبيانه.
الفقرة التانية : العقوبات الظبطية و الإضافية في مادة الغش التجاري
     أولا :العقوبات الضبطية
  وهي الغرامة من 12 إلى 200درهم و ينص عليها الفصل 7من ق.ز.غ .م التي جاء فيها ما يلي :"يعاقب بغرامة من 12  إلى 200درهم , على المخالفات لنصوص الصادرة بتطبيق هدا القانون التي لم ينص عليها و على عقوبتها في الفصل الأول وما يليه إالى الفصل 6 أعلاه أو في نص خاص. "و يحكم بالغرامة المذكورة حاكم الجماعة أو المقاطعة ،وفقا للإجراءات المقررة في الفصل 29 من الظهير الشريف رقم 1.74.339 . عندما تتعلق المخالفة بالإسم أو بالبطاقة أو التعبئة أو التقديم أو المعالجات أو المناولات حسب ما هو محدد أو معين في النصوص التنظيمية المعمول بها.و يتبين من نص الفصل السابع من ق.ز.غ.م  أن المخالفات المعاقب عليها  بهده الغرامة تتجلى في نوعين :
   أ : المخالفات المحددة بحسب الإختصاص النوعي ( و هي المخالفات المتعلقة بالإسم أو البطاقة أو التقديم أو التعبئة أو المعالجات أو المناولات حسبما هو محدد أو معين في النصوص  التنظيمبة المعمول بها .)
   ب: يشمل النوع الثاني من المخالفات تلك التي لم يحدد مجال تطبيقها وهي المخالفات التي ينص عليها و على عقوباتها في الفصل الأول وما يليه إلى الفصل السادس أو في نص خاص .
 يلاحظ أنه من يتمعن في عقوبات الحبس والغرامة الواردة في الأحكام والقرارات القضائية الصادرة في مادة الغش التجاري وبصفة عامة لن يتردد في التصريح بأنها خفيفة ، بل يصل الأمر في بعض الأحيان إلى إمكانية القول بعدم تطبيق النصوص القانونية تطبيقا سليما .
و لا تصدر العقوبات في حق المخادعين إلا نادرا و إذا ما وجدت فإنها تتراوح بين شهر و ثلاثة أشهر فقط ، و بذلك فالحبس لا يصل حتى إلى ستة أشهر التي تشكل الحد الأدنى المقرر قانونا . وهكذا فمعظم القرارات تصدر بالغرامة دون الحبس. فمن بين 23 قرارا صادرا عن محكمة الإستئناف ببني ملال ما بين سنة 1989 و 1991 نجد 19 قرار تتضمن الغرامة دون الحبس ، و تخلت المحكمة المذكورة في أربعة منها عن عقوبة الحبس المحكوم بها من طرف المحكمة الإبتدائية و وبقيت على الحبس والغرامة في 4 قرارات فقط ، و كان الحبس في إحداها موقوف التنفيد.
 و بالنسبة لأربعة أحكام صادرة عن المحكمة الإبتدائية بقلعة السراغنة في سنة 1991 نجد أن الغرامة هي العقوبة الوحيدة  الصادرة في حق المخادعين , و تتراوح ما بين 500 إلى 1500 درهم .و لا ينحصر الامر في الاقتصار على الغرامة دون الحبس في أغلب القرارات و ضعف هذه الغرامة و الحبس كدلك بالنسبة للقرارات النادرة الصادرة بهما ، بل يمكن القول أنه يتم خرق النصوص القانونية المتعلقة بالعقوبات في العديد من الأحيان ، و يتجلى دلك في النزول عن الحد الأدنى المقرر لعقوبات الحبس  و الغرامة دون تمتيع الفاعل بظروف التخفيف .
فإذا كانت العقوبات المتعلقة مثلا بجنحة الخداع في الحالة العادية هي : الحبس من ستة أشهر إلى خمس  سنوات و الغرامة من1200 إلى 2400 درهم ، فإن الغرامة تصل أحيانا إلى 500 درهم [3], أو 600[4] أو700[5] درهم ،, أما الحبس فيصل إلى شهر واحد دون تمتيع الشخص بظروف التخفيف  أو ثلاتة أشهر.
   يتضح من خلال هذه الأحكام و القرارات مدى التسامح الكبيرالذي يبديه القضاء اتجاه المخادعين وتبدو عقوبة ابلغرامة أكثر ملائمة مع هذا النوع من القضايا، ولذلك اقتصرت عليها بعض التشريعات دون العقوبات السالبة للحرية كالإعتقال والحبس[6] كما أن الجنوح الإقتصادي الذي يهدف إلى الكسب، لا تتلاءم معه أكثر إلا العقوبات المالية  لاكن تبدو الهوة موجودة هنا كذلك، بين مبلغ الغرامة التي تحكم بها المحاكم بصفة اعتيادية ، ومبلغ الارباح التي بحققها التاجر  مع العلم أنه الصعوبة بمكان  إن لم نقل من المستحيل  تقدير المبلغ بدقة .
  ويذهب بعض الفقه إلى القول أنه إذا أردنا أن تكون العقوبات المالية رادعة فيجب أن يصل مبلغها على الأقل إلى مبلغ الأرباح التي يحصل عليها الجاني من خلال الجريمة التي يرتكبها. أما إذا كانت الغرامة أقل من الأرباح  المحصل عليها  بعشر مرات فإن التجار يفضلون الإستمرار في ارتكاب الجريمة [7]
 و من المؤكد أن العقوبات الإضافية هي الأكثر ملائمة و فعالية في مادة الغش التجاري ،إلا أن المحاكم لا تعمد إلى تطبيقها ،و أهملت بدلك الأسلحة التي وضعها المشرع تحت تصرفها  كما سنرى في النقطة الموالية.
ثانيا: العقوبات الإضافية في مادة الغش التجاري
انصرفت عناية المشرع إلى إقرار عقوبات إضافية إلى جانب العقوبات التقليدية المتمثلة في الحبس و الغرامة، و يرجع الأمر لأهمية هذه الجزاءات في مجال الغش التجاري و لما تحققه من فعالية في الزجر عن الغش، ووقاية المجتمع من مخاطر تداول البضائع المغشوشة وللأسف الشديد  فإن المحاكم تهمل تطبيق هذه الأسلحة التي وضعها المشرع بين أيديها ولا تعتمد إلا الغرامات الزهيدة في أغلب الحالات على الرغم من تفشي ظاهرة الغش كما سبق بيانه .
إضافة إلى العقوبات الإضافية الواردة في القانون الزجر عن الغش كنشر وتعليق الحكم الصادر بالإدانة ، و البيانات التصحيحية ، نصت بعض القوانين المتخدة لتطبيق قوانين زجر الغش على بعض العقوبات كالإغللاق مثلا .و كذلك الشأن بالنسبة للتدابير الوقائية إذ منها ما تضمنه قانون الزجر عن الغش كالمصادرة نفسها والمنع من مزاولة المهنة.
العقوبات الإضافية هي التي لا يمكن الحكم بها وحدها و إنما بالإضافة إلى عقوبة أصلية وهي : تكون تبعية أي تتبع الحكم بالعقوبة الأصلية بحكم  القانون دون حاجة إلى أن ينص عليها في الحكم الصادر بالإدانة، أو تكميلية لا يصح تنفيدهاإلا إذا نطق بها القاضي في الحكم. و من خلال الفصل 36 و ما يليه إلى الفصل 48و ما يليه من ق.ج يتضح أن عدد العقوبات الإضافية سبعة وردت على سبيل الحصر، يمكن تطبيقها كلها فيما يخص جرائم الغش الماسة بصحة المستهلك طبقا للقواعد العامة والشروط المبينة فيها.إلا أنه مع دلك فإن أهم هذه العقوبات في هذا المجال هي: نشر الحكم الصادر بالإدانة أو تعليقه ثم المصادرة[8].
1- نشر الحكم الصادر بالإدانة أو تعليق 
    نشر الحكم عقوبة تكميلية لا يجوز للمحكمة أن تحكم به إلا في الأحوال التي يقررها القانون و يتم النشر على نفقة المتهم ، وقد ينشر الحكم بالكامل أو يحكم بنشر بعضه فقط، و قد يتم ذلك  في الصحيفة أو عدة الصحف يحددها الحكم من بين الصحف الأكثر رواجا أو قد يتم تعليق الحكم في باب المؤسسة أو الأماكن العامة التي يبينها الحكم على ألا تتجاوز مدة التعليق في هذه الحالة شهرا. حسبما يبينه الفصل الأول من ظهير زجر الغش إلا أنه في حالة العود يجب دائما الحكم به. وعلة  الأخد بهذه العقوبة في جرائم الغش التجاري أنها تصيب المحكوم عليه في سمعته لدى زبنائه فيكون ذلك أبلغ أثرا من الجزاء الأصلي الصادر بحقه و قد حصلت  هذه العقوبة على توصية الأخد بها في قانون العقوبات الاقتصادي في مؤتمر روما عام 1953.[9]
    ورغم أن البعض يعارضها على أساس أنها جزاء شبه قاس و يتضمن التشهير بالمحكوم عليه إلا ننا نعتقد أن الأخد يها في جرائم الغش التجاري أمر مقبول  ما دامت كل الضمانات الكافية لتطبيقها في نطاق ضيق متوافرة، ذلك أن الحكم بهذه العقوبة جوازي متى وجدت مبررات لذلك و ليس وجوبيا إلا في حالة العود .
   يعتبر تعليق الحكم في باب مؤسسة التاجر عقوبة جد خطيرة إلى درجة يمكن أن تجعل الجاني يفكر في التخلص من أصله التجاري عن طريق البيع ، وعقوبة التعليق لم تعد عقوبة شخصية فقط ، بل عقوبة عينية إلى حد ما بالمعنى القانوني لهذه الكلمة لأنها لا تصيب الجاني فقط، بل تصيب الأشياء والبضائع والأدوات و المؤسسة نفسها في أي  يد كانت[10]  وعقوبتي النشر والتعليق تنطبقان على جنح الخداع والتزييف و الحيازة و عرض المواد المغشوشة للبيع وهي الجنح المنصوص عليها في الفصول 4 و 5 و6 من  ق.ز.غ.م.
 لكن هل النشر ممكن حتى في الجنايات ؟
  إذا كانت الأحكام المتعلقة بالنشر قد جاءت في الفقرة 3 من الفصل 1 الذي يتضمن عقوبة جنحية كما سبق بيانه ، فإنه في فقرته 4 لا يحصر الأمر في الجنح على ما يبدو ذلك عندما يربط الحكم بالنشر بتحقق العود، و ارتكاب مخالفة لقانون الزجر عن الغش بصفة عامة ، و بذلك يمكن القول أن النشر يشمل الجنايات و الجنح بالنظر إلى التعميم الوارد في فقرة 4  من الفصل 1 و الإحالة الواقعة عليه من الفصل التاني .
  أما بالنسبة للمخالفات المنصوص في الفصل 7 من ق.ز.غ فلا يمكن أن تطبق بشأنها عقوبة الشهر ، و السبب في ذلك هو المكان الذي يحتله الفصل 7 بين باقي الفصول إذ لم يأت ضمن المقتضيات المشتركة، بين كل الأفعال المجرمة بواسطة هذا القانون  و أن عادة المشرع في هذا القانون أنه يحيل بالنسبة لبعض الجنح على العقوبات الواردة في الفصل 1 من الظهير ، بينما لم يفعل ذلك في الفصل 7 المتعلق بالمخالفات  و بذلك فالعقوبات الوحيدة المتعلقة بالمخالفات هي تلك المنصوص  عليها في الفصل 7 التي تتمثل في الغرامة المالية .
  لا تشترط عقوبة النشر أن تكون المواد محل الخداع خطيرة على  الصحة ولا يجب حين صدورها،إقامة أي  تمييز بين  الخداع  الخطير وغير الخطير ويشترط في  القرار الواجب شهره أن يصبح نهائيا ، أي أن وقت النشر يبدأ بعد فوات ميعاد الطعن المقرر قانونا ، أو بعد البث في الطعن في حالة تقديمه حيث يصبح القرار عندئد نهائيا وصالحا للتنفيد.


2- المصادرة
   تتجه بعض العقوبات المقررة للجرائم الإقتصادية إلى القضاء على  الأسباب المؤدية للإجرام أو منع الجاني من التمادي في ارتكاب الجريمة لذلك كانت المصادرة جزاء تكميليا و ضروريا لحماية السياسية الإقتصادية للدولة وجزاء رادعا لمرتكبي هذه الجرائم .
وهذا ما دفع المشاركين في المؤتمر الدولي السادس لقانون العقوبات إلى اقرار توصية بجواز الحكم بعقوبة المصادرة الخاصة لكن مع المحافظة على حقوق الغير[11] .
والمصادرة هي تمليك الدولة جزءا من أملاك المحكوم عليه أو بعض أملاك معينة وكذا تمليك الدولة ،مع حفظ حق الغير الأدوات و الأشياء التي استعملت أو كانت ستستعمل في ارتكاب الجريمة أو معدة لمكافئته . والمصادرة تكون عامة أو جزئية أو عينية و الحكم بها جوازي في الجنايات، أما في الجنح و المخالفات فلا يجوز الحكم بها إلا إذا وجد نص قانوني صريح بذلك .وقد نص المشرع على المصادرة فيما يخص جرائم الغش في الفصل 11 من قانون زجر الغش الذي جاء فيه : " تحكم المحاكم وفقا للفصلين 89 و 610 من  مجموعة القانون الجنائي بالمصادرة النهائية للبضائع والمنتجات المرتكبة بشأنها جنحة الخداع أو التزييف أو التدبيس  أو الحيازة المنصوص عليها في الفصول 4و5و6 من هذا القانون و بوجه عام لجميع الأدوات استعملت في ارتكاب أو محاولة ارتكاب الخداع أو التزييف أو التدليس.
   كما تأمر بإتلاف المنتوجات والبضائع المذكورة عندما يكون فيها خطر على صحة الإنسان، أو بإتلاف الأدوات المصادرة عند الإقتضاء وإذا تبث أن البضائع أو المنتجات المغشوشة، أو المزيفة لا   خطر   فيها على صحة   الإنسان جاز استعمالها لإغراص صناعية أو فلاحية بعد معالجتها أو تحويلها إن اقتضى الأمر ذلك .
  ومن خلال ذلك يتضح أن المصادرة إجراء يمزج  بين طبيعة العقوبة الإضافية و طبيعة التدبير الوقائي، الذي تغلب عليه الصفة الإصلاحية لتقويم  المجرم ووقاية المجتمع من خطورة الجاني و الفعل الجرمي على حد السواء، فعلى الرغم من الالتباس الذي يطرحه الفصل 11 المذكور فإن المهم بالنسبة لنا هو أنه على القاضي متى تأكدت إدانة المتهم أن يستعمل إجراء المصادرة إما كعقوبة إضافية أو كتدبير وقائي، حسبما ما تقتضيه طبيعة الجريمة حماية للمستهلك، و ضربا على يد المتلاعبين بأقوات و صحة الناس، وما يؤكد وجهة النظر هذه المادة 6 من قانون 1905/08/01 الفرنسي المعدل بمقتضى قانون 1978/01/10 التي جاء فيها " أنه أن يجب أن يقضي الحكم في جميع الأحوال بمصادرة المواد أو العقاقير أو الحاصلات التي تكون جسم الجريمة ويقضي بالمصادرة أيضا حتى في حالة صدور الحكم بالبراءة إذا أتبث حسن نيته و مصدر البضائع المغشوشة. لأن المصادرة تعتبر حينئذ تدبيرا وقائيا فإذا لم ترفع الدعوى لسبب ما صدر قرار المصادرة من النيابة العامة .
    و علاوة على ذلك فإن الفصل 11 المذكور منح للقاضي صلاحية أخرى وهي إمكانية إتلاف البضاعة أو تحويلها و هو الأمر الدي يؤكد رغبة المشرع الأكيدة في ترك صلاحية اتخاد القرار المناسب للقاضي فقط .
بعد التطرق لأهم العقوبات الإضافية يكون لزاما من تدبيرين  احترازيين نرى من المناسب الحكم بهما، كلما اقتضت الظروف ذلك لأهميتهما العملية من جهة و لفعاليتهما من جهة أخرى، في قطع دابر الجريمة في مجال يتطلب مزيدا من اليقضة والصرامة.
3- إغلاق المحل أو المؤسسة التجارية أو الصناعية أو أية مؤسسة أخرى نهائيا
        أو مؤقتا
 قد نص عليه المشرع في الفصل 90  ق ج حيث يمكن أن يأمر به متى كان المحل قد إستعمل مقرا للإرتكاب الجريمة، إما بإساءة  استغلال الإذن أو الرخصة المحصل عليها، وإما بعدم مراعاة النظم الإدارية الجاري بها العمل .  ويترتب عن ذلك منع المحكوم عليه من مزاولة نفس المهنة، أو النشاط بالمحل وكذلك منع افراد أسرته أو غيرهم. ممن يكون المحل قد بيع إليهم أو اكترى إليهم ،أو سلم إليهم ويسري نفس المنع في حق الشخص المعنوي أو الهيئة التي ينتمي إليها المتهم ، أو كان يعمل لحسابها وقت ارتكاب الجريمة، وإذا كان الإغلاق مؤقتا فلا يجوز ان تقل مدته عن عشرة أيام ولا أن تتجاوز ستة أشهر ما لم ينص القانونن على خلاف ذلك.
4-  الحكم بالمنع من مزاولة مهنة أو نشاط أو من في حق المحكوم عليهم من أجل جناية أو جنحة
عندما يتبين للمحكمة أن الجريمة المرتكبة لها علاقة مباشرة بمزاولة المهنة أو النشاط أو الفن، وأنه توجد قرائن قوية يخشى معها أن يصبح المحكوم عليه إن هو تمادى في مزاولة ذلك، خطرا على أمن الناس أو صحتهم أو أخلاقهم، أو على مدخراتهم، ومدته لايمكن أن تفوق عشر سنوات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك تحسب من اليوم الذي ينتهي فيه تنفيذ العقوبة.
   ويسوغ أن يتضمن الحكم التنفيذ المؤقت لهذا التدبير بالرغم من استعمال اي طريق من طرق الطعن عادية كانت أو غير عادية(الفصل 87 ق ج) ، وللإشارة فإن المشرع الفرنسي خلافا للمشرع المغربي والمصري، اعتبر المنع من مزاولة مهنة التجارة عقوبة إضافية وجوبية،حيث أنه في تشريع 20غشت1947  المتعلق بتطهير المهن التجارية، فإن كل شخص حكم عليه بعقوبة الحبس لفعل غير شريف للأكثر من ثلاثة شهور يمنع من ممارسة مهنته التجارية لمدة خمس سنوات وإن كان لا يعرف حد أقصى لهذه العقوبة التي كان الدافع  ورائها  إنتشار السوق السوداء، وأنواع التجارة المشكوك فيها، بعد خروج فرنسا من الحرب عام 1947  لذا رغب المشرع في تطهير مهنة التجارة ،إلا أن القضاء الفرنسي فيما يخص جرائم الغش التجارية غالبا ما يقضي بالغرامات، لذلك فإن هذا النص معطل عمليا.على أي فإنه بالنسبة للقضاء المغربي فإنه لامانع من سحب رخصة التجارة كتدبير وقائي يستهدف منه محاربة ظاهرة الغش  التي ما لبثت تنتشر في أوساط التجارة حاليا أكثر من أي وقت مضى ذلك أن الفصل 87 ق ج يجيز إتخاذ هذا الإجراء دون أي قيد مسبق .
 من خلال ما سبق يتضح أن العقوبات الأصلية أو الإضافية التي نص عليها المشرع ضد مرتكبي جرائم الغش التجاري وإن كان بعضها يتسم بالقساوة فإنها تجسد إرادته في تكريس مبدأ حماية المستهلك وتحقيق الردع بشقيه والخاص والعام.


المطلب الثاني : تفريد العقاب 
     يعتبر تفريد العقاب وسيلة فعالة لتكريس المساواة في العقوبة وذلك بمراعاة ظروف الفرد، باعتبار أن وظيفة العقوبة إصلاحية وليس مجرد الزجر والتخويف والإيلام، مما أوجب أن يكون الجزاء متناسبا مع حالة المجرم وظروفه الخاصة ودرجة إجرامه . وقد سارت جل التشريعات المقارنة في هذا الإتجاه بحيث أعطت للقاضي الحرية في تقدير العقوبة بين حديها الأقصى والأدنى، وأوجد الأعذار القانونية  وظروف التخفيف وظروف التشديد ،والتي من بينها العود وامكانية توقيف العقوبة كما ينص على ذلك الفصلين 141و142 من القانون الجنائي . وعلى هذا الأساس سنقسم هذا المطلب كالآتي:
         الفقرة الأولى : ظروف التشديد وحالة العود في جريمة الغش 
                                 التجاري.
         الفقرة الثانية: ظروف التخفيف وإيقاف التنفيذ.

الفقرة الأولى: ظروف التشديد وحالة العود
 أولا:ظروف التشديد:
     كل نشاط إجرامي في نظر القانون الجنائي يجوز أن يكون مصطحبا بظروف ووقائع من شانها تشديد هذا النشاط الإجرامي، أو الإفصاح عن مدى خطورة مرتكبه ولما كانت الظروف و الوقائع، من شأنها التأتير على عقوبة هذا النشاط الإجرامي و تشديدها ، فقد تدخل المشرع عن طريق نظام الظروف المشددة بوسيلتين للوصول إلى الغاية المنشودة من هذا التشديد، و كانت وسيلته الأولى في ذلك أن يتدخل بصفة مباشرة وحدد مقدما هذه هذه الوقائع و الملابسات التي باقترانها بالفعل الجرمي يكون دلك سببا لتشديد العقاب .
 وهذه الوسيلة أو هذه الصور هي ما يطلق عليها نظام الظروف المشددة القانونية و هي ظروف حددها القانون سلفا، و من شأنها تشديد الجريمة ورفع عقوباتها حيث تختلف هذه الظروف عن الظروف المشددة القضائية، بأنها تسمح بتشديد العقوبة على الجاني مع تجاوز الحد الأقصى المقرر قانونا للعقوبة على الجاني،  بل إنها قد تؤثر على وصف الجريمة في بعض الأحيان، و تغير من نوع العقوبة وتقلب الجريمة من جنحة إلى جناية .
  والظروف المشددة القانونية يمكن تقسيمها بحسب طبيعتها إلى ظروف مادية وظروف شخصية ،كما يمكن تقسيمها بحسب طبيعتها إلى ظروف مادية وظروف شخصية ،كما يمكن تقسيمها بحسب نطاقها إلى ظروف عامة لا يقتصر حكمها على جريمة معينة بداتها، و إنما يسري حكمها على كافة الجرائم أو الجانب الأكبر منها وظروف خاصة وهي عديد و متباينة أشار إليها المشرع المغربي في مقتضيات قانونية مختلفة وهي منها ما يرجع إلى درجة إلى درجة إجرام الجاني أو إلى جسامة قصده الجنائي . و قد ترجع هذه الظروف إلى صفة معينة في شخص الجاني كصفة الخادم في السرقة مثلا.
 إلى جانب الظروف المشددة القانونية هناك الظروف القضائية المشددة وهي تتجلى في الظروف التي ترك المشرع للقاضي حرية استخلاصها، و استظهارها من وقائع الدعوى المعروضة أمامه، بما له من سلطة في التقدير و ذاك نظرا إلى أن هذه الظروف، تختلف  اختلافا بينا بالنسبة لكل جريمة و ظروف ارتكابها و ظروف الجناة والمجني عليهم ،و لا يمكن بالتالي بيانها أو حصرها مقدما ، لذلك تركها المشرع للقاضي ليستخلصها مما هو معروض أمامه ،كما له جواز رفع العقوبة وذلك في حدود الحد الأدنى و الأكبر.
 وبالرجوع إلى قانون الزجر عن الغش في البضائع نجد أن فصله الأول يحدد عقوبة الخداع و التزييف الجنحية ، في الحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات والغرامة من 1200  درهم إلى 24000 درهم ينص في فصله الثاني على :
   -1 إمكانية مضاعفة العقوبة المنصوص عليها في الفصل الأول إذا
      أ: ارتكب الخداع أو التزييف أو التدليس بواسططة المنتجات أو المعالجات فيها    خطر على صحة الإنسان أز الحيوان .
    ب: إذا باع الفاعل أو عرض للبيع لحما أو أسقاطا لحيوانات يعلم أنها ماتت بأمراض أثبت الفحص أنها معدية أو أمراض طفيلية تنتقل إلى الإنسان أو الحيوان ، أو أنها ذبحت لإصابتها بالأمراض المذكورة .
  ومن ثم فإن أحد الظرفين المذكورين أعلاه يمكن من مضاعفة العقوبة التي تصبح نظرا لعدم تخصيص الرفع بأي حد هي الحبس من سنة إلى عشر سنوات والغرامة من 2400.00 إلى 48000.00 درهم .
2- و تصبح العقوبة هي الحبس من سنتين إلى ست سنوات إذا
 سبب ابتلاع المواذ المذكورة اعلاه للغير في مرض أو عجز عن العمل تتجاوز مدته عشرين يوما ،و العجز الدي يتعدى عشرين يوما ظرف تشديد يؤدي إلى رفع  العقوبة إلى سنتين في الحد الأدنى، و ست سنوات في حد الأقصى دون غرامة  مع احتفاظ الجريمة بصفتها كجنحة .
 و يلاحظ أن هذه العقوبة أخف من العقوبة المشددة الأولى بالرغم من أن ظرف التشديد فيها هو الأثر الذي تحدثه المادة المغشوشة فعلا على صحة الإنسان ، في حين أنها في الأولى مجرد الخطر، ومع ذلك فإن الحل يوجد في صياغة النص الذي يعبر بالإمكان فقط في الحالة الأولى، في حين يحدد العقوبة صراحة في الحالة الأولى ، في حين يحدد العقوبة صراحة في الحالة الثانية و في كافة الأحوال فإن تطبيق قاعدتي : إذا قبل الفعل الواحد أوصافا متعددة فإنه يوصف بأشدها و تفسير القانون لفائدة المتهم يفرض نفسه في تطبيق ذلك  والتشديد ينعدم بالنظر إلى الرقم 1 من الفصل الثاني إذا لم يصل العجز أو يتعدى عشرين يوما ليحل محله التشديد العام المنصوص عليه في الفقرة الأولى باعتبار أن المادة نفسها تتضمن الخطر , ومن تم تبقى إمكانية مضاعفة العقوبة.
2- وتصبح العقوبة هي السجن من خمس إلى عشر سنوات إذا :
سبب ابتلاع المواد المذكورة إصابة الغير بمرض يظهر أنه عضال أو بفقدان استعمال عضوأو عضو أو بعاهة دائمة .
4- في حين تصبح السجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة إذا :
سبب ابتلاع المواد المذكورة دون نية القتل .
وفي الحالتين الأخرتين تتغير صفة الجريمة من جنحة إلى جناية و يصبح الاختصاص لغرفة الجنايات .
أما بخصوص عقوبة ظهير 1959/10/29، و العقوبات الواردة في نصوص خاصة إذا اقتضى الحال، فإنها عقوبات لجرائم خاصة مشددة أصلا وليس تغييرا التشديد لعقوبة أصلية مخففة.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جرائم الإيذاء العمدي

النظريات المفسرة للسلوك الاجرامي

علاقة علم العقاب بباقي فروع العلوم الجنائية الأخرى