مع و ضد "الإعدام" بين مؤيدي الإبقاء عليها والمطالبين بإلغائها







مع و ضد "الإعدام" بين مؤيدي الإبقاء عليها والمطالبين بإلغائها
الكثيرون لا يقبلون انهاء حياة الانسان شنقا . ولكن الاديان والقوانين الوضعية تدعو الى القصاص من القاتل او من يرتكب جرما تقود نتيجته الى الاعدام على مبدا ان القاتل يقتل ولا بد للعدالة ان تاخذ مجراها بحق من يرتكبون افعالا يعاقب عليها القانون بالاعدام.
ولما كان الاعدام نتيجة حتمية لمن اشاع في الارض الفساد وارق حياة المواطنين واحال حياة الافراد الى جحيم فعندها يتدخل القضاء لانهاء حياته رحمة باهله وبالمجتمع فيكون الاعدام عقوبة رادعة لجهة احلال الامن والاسقرار .
ولكن هل يمكن اعتبار تنفيذ حكم الاعدام رادعا للمجرمين؟ وهل هذا التنفيذ يقي المجتمع حقا من القتلة؟ وهل الردع يكمن في الاعدام بحد ذاته ام ان الاعدام هو الوسيلة الاخيرة التي يمكن اللجوء اليها في حال لم تكن الخطوات السابقة قادرة على احقاق الحق واشاعة حالة الرضا والارتياح بين الناس؟.
قد يكون الاعدام نتيجة حتمية لمن لا رادع له ولكنه ليس العقوبة المثلى التي يجب ان تبقى سارية الى ما لا نهاية في الوقت الذي قامت فيه عشرات الدول في العالم بالغاء او تجميد عقوبة الاعدام وليس الاردن ببعيد عن مواقف هذه الدول كونه كان متقدما على كثير منها في قضايا مفصلية حيث كان الاردن الاسرع في اتخاذ قرارات جريئة.
مدير مركز عمان لدراسات حقوق الانسان نظام عساف وهو عضو التحالف الاردني لمناهضة عقوبة الاعدام يقول" انا مع الغاء عقوبة الاعدام في الاردن لانها تمس الحق في الحياة وهو حق مقدس موهوب من الله ولا ينبغي الا ان يؤخذ من قبله".
ويضيف عساف ان هناك فهما خاطئا في المجتمع حسب رايه لعقوبة الاعدام ويقول" يعتقد البعض بان الديانات تلتزم بهذه العقوبة ولكن المتفقهين في الدين لديهم راي اخر وبالتالي لا يظهر من خلال هذا الفهم الالزام بايقاع هذه العقوبة وكانهم يقولون ان من يقف ضدها هو ضد الدين وهذا ليس وضعا سليما اذ انه في حال الصفح من قبل اهل القتيل فان عقوبة الاعدام لا تنفذ في القاتل الامر الذي يعني انه لا يوجد الزام ديني بتنفيذ هذه العقوبة وان اللجوء للتنفيذ هو الملاذ الاخير ". ويشير عساف الى ان هناك مائة وثلاثين دولة من دول العالم قامت اما بالغاء العقوبة او بتجميدها اي انه توجد ما بين 80 الى 90 دولة قامت بالغاء العقوبة فيما قامت 40 دولة بتجميد عقوبة الاعدام وان دولا كثيرة في العالم العربي لم تقم بتنفيذ عقوبة الاعدام منذ 15 عاما مثل الجزائر والمغرب وتونس والبحرين".
ويتمنى عساف لو تحذو الحكومة الاردنية حذو الدول الاخرى فتقوم اما بتجميد العقوبة او الغائها ولا تنفذها مبينا انه يعتقد ان جهود المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني يجب ان تنصب للعمل على معالجة الاسباب التي تقود لارتكاب الجريمة قبل وقوعها لا الانتظار حتى تقع الجريمة فيكون العقاب بناء عليها".
ويرى عساف"ان الاهتمام يجب ان ينصب على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والمساواة والعدالة بين المواطنين والفقر والبطالة اذ يجب معالجة هذه الاسباب التي تدفع الى القيام بالجرائم التي يعاقب عليها القانون بالاعدام لان التحدي امام الدول والمجتمات يكمن في كيفية تطوير هذه المجتمعات والدول بحيث يتم التصدي للمشكلات ويتم وضع العلاجات الناجعة لهذه الاسباب على ان لا يكون النقاش نظريا بل عمليا حول كيفية التعامل مع المشكلات بصورة مباشرة وان تنصب على معالجة الجذور ".
ويقول عساف"لم تظهر الدراسات بان هذه العقوبات رادعة وانه لا يتم من خلالها الردع بحيث لا يقدم المجرم على جريمته لان الاخر تم اعدامه ولا يكون من خلالها الردع العام".
ويضيف عساف"عندما جرى انقلاب في احدى الدول العربية وفشل الانقلابيون وتم اعدام من قام بالانقلاب لم تنته الانقلابات عند هذا الحد بل ان ذلك البلد شهد انقلابا اخر في السنة التالية الامر الذي يعني ان الاعدام لم يكن رادعا للانقلابيين في المرة الثانية مما يعني عدم ردعية العقوبة".
ويقول عساف" لابد من مراجعة القوانين والانظمة التي تفرق بين افراد المجتمع ولا بد من معالجة الفقر والبطالة والظلم واللامساواة والاضطهاد ا".
ويشدد عساف على ضرورة احترام الراي والراي الاخر وحرية التعبير ويجب ان لا تمارس عقوبة الاعدام على مخالفي الراي وخاصة مع الحكام اضافة الى حقيقة ان الاب يقدم على اطلاق النار على ابنه اذا ما خالفه الراي متمنيا الغاء عقوبة الاعدام على اساس سياسي مضيفا ان هناك 23 مادة في القوانين الاردنية تنص على عقوبة الاعدام داعيا الى تخفيفها او الغائها".
اما رئيس محكمة الجنايات الكبرى سابقا وقاضي محكمة التمييز سابقا والعميد السابق لكلية الحقوق في جامعة عمان الاهلية وعضو تدريس الحقوق في الجامعة حاليا الدكتور عبدالرحمن توفيق فيقول" انا مع الابقاء على عقوبة الاعدام لان الحجج التي يستند اليها المطالبون بالغاء هذه العقوبة واهية وحججها واهية اضافة الى انهم في نفس الوقت يتناقضون مع انفسهم فهم يطالبون بالغائها رعاية لحقوق الانسان ".
ويقول الدكتور توفيق ان السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو ان الذي قتل او قتلت اليس له او لها حقوق فلماذا التباكي على حقوق القاتل الجاني ولا نبكي على المقتولة او المقتول الذي او التي قد يكون او تكون قتلت لاسباب بشعة خسيسة كما يحصل في قتل الاطفال والفتيات تمهيدا لاغتصابهم او للهرب من العقاب على هتك العرض او الاغتصاب والذي وقع على الطفل او الطفلة".
ويقول الدكتور توفيق" ومن جهة اخرى يقولون ان هذا مناقض للمبدا بان الله سبحانه وتعالى هو الذي وهب الحياة وهو الذي ياخذها"ونحن من اول المسلمين والمؤمنين بذلك ولكن من اراد ان ياخذ كلام الله فلياخذه كاملا ولا ينتقي مايريد فكلام الله سبحانه وتعالى ليس اختياريا ياخذ الناس منه ما يريدون ويتركون مايريدون والله سبحانه وتعالى هو القائل" ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب" صدق الله العظيم".
وبالتالي فان القصاص من القاتل باعدامه"الا اذا عفى اهل المقتول"يجنب المجتمع مسلسل الثار البغيض الذي تعاني منه كثير من المجتمعات.
ويقول الدكتور توفيق" يضاف الى ذلك ان الله سبحانه وتعالى هو القائل"النفس بالنفس والعين بالعين". فمن اراد الاخذ بكلام الله فلياخذه كاملا ".
ويضيف الدكتور توفيق" اما الحجة الاخرى التي يستندون اليها والقائلة"ماذا لو تبين ان الذي تم اعدامه بريء فهذا خلط ما بيقين القانون والقائمين على تطبيق القانون لان القانون اعطى للمحكمة الصلاحية التامة اذا تولد لديها ولو مثقال ذرة من شك ان تلجا الى البراءة وان المبدا يقول ان الشك يفسر لمصلحة المتهم وان المبدا الشرعي يقول" ان يخطىء الحاكم في العفو خير من ان يخطىء في العقوبة".
ويبين الدكتور توفيق"لذلك فان العيب ليس في عقوبة الاعدام اذا حصل وان تم اعدام بريء وانما في القائمين على تطبيق عقوبة الاعدام ".
ويقول الدكتور توفيق" استطيع القول انه على مدى ستين اوسبعين عاما لم يحدث ان حكم في الاردن على احد بالاعدام وتبين انه كان بريئا".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جرائم الإيذاء العمدي

النظريات المفسرة للسلوك الاجرامي

علاقة علم العقاب بباقي فروع العلوم الجنائية الأخرى