أساس المسؤولية الجنائية في القانون المغربي وموانع المسؤلية ومانع العقاب

 أساس المسؤولية الجنائية في القانون المغربي وموانع المسؤلية ومانع العقاب









المطلب الأول الجريمة كمصدر للمسؤولية الجنائية
إذا كان وقع الاتفاق فقهيا على أن الجريمة هي مصدر المسؤولية الجنائية فان تحديد العناصر المعنية المطلوبة في الجريمة كأساس للمسؤولية الجنائية محل خلاف في الفقه فهناك من يذهب إلى إخراج الجانب المعنوي من عناصر الجريمة ووضعه بين أركان المسؤولية الجنائية مما يجعل تخلفه لايؤثر على قيام الجريمة وان كان يؤدي إلى انعدام المسؤولية عنها وذلك بهدف التوسع في نظرية الجريمة بحيث يكفي توافر وجود الجريمة من الناحية القانونية صدور تصرف من شأنه النيل من المصلحة محل الحماية أو تعريضها للخطر دونما اعتبار للركن المعنوي وفرق البعض بين شروط تجريم الفعل وشروط تطبيق العقوبة  فإذا كانت الجريمة تعني إتيان الأعمال التي حرمها القانون فان المسؤولية هي لالتزام بتحمل نتيجة هذه الأفعال لذا فان توفر الأهلية الجنائية ليس شرطا لقيام الجريمة وإنما يعتبر ركنا للمسؤولية الجنائية والاخد بهذه التفرقة يجعل من الممكن التوسع في التجريم بحيث يستطيع المشرع أن يحفظ بكل ما يهدد المصلحة الاقتصادية بالخطر أو الضرر بمجرد معايرته في النموذج المادي والمعنوي المتطلب كوقوع الجريمة فبالنسبة للمدرسة التقليدية نجدها لاتكفي بنسبة الفعل ماديا إلى الفرد ونما تشترط زيادة على ذلك أن يكون متمتعا بالتمييز وحرية الاختيار وهو ما يعبر عنه بالإسناد المعنوي فيكون أساس المسؤولية لديها هو "الخطأ لا لأن من يميز بين الخير والشر يعتبر مخطئا عندما يختار الشر كهدف له
وقد نادت المدرسة الوضعية بأساس جديد للمسؤولية تبعا لفلسفتها بأن الإنسان مجبر في تصرفاته وان ما نسميه بالإدراك والإرادة مجرد خيال لا أساس له في الواقع فعندما يرتكب الشخص فعلا ضارا بالمجتمع فانه يسال إلا انه يسال مسؤولية اجتماعية وحماية المجتمع ودفع كل ضرر عنه هي الأساس القانوني وليس مسؤولية جنائية لأنه لم يرتكب جرما
هذا بالنسبة للفقه أما بالنسبة للتشريع فالقانون المغربي أخد بمبدأ المدرسة التقليدية الجديدة مع تأثر محدود بالمدرسة الوضعية كما يتضح ذلك من الفصل 132 ومضمونه أن كل شخص سليم العقل قادر على التمييز يكون مسؤولا شخصيا عن الجرائم التي يرتكبها والجنايات والجنح التي يكون مشاركا في ارتكابها ومحاولات الجنايات ومحاولات بعض الجنح ضمن الشروط المقررة في القانون لعقاب عليها ولا يستثنى من هذا المبدأ إلا الحالات التي بنص فيها القانون صراحة على خلاف ذلك
المطلب الثاني مسؤولية الشخص المعنوي
يذهب   بعض الفقه إلى معارضة مسؤولية الشخص المعنوي بان العقوبات المعروفة في التشريعات الجنائية لا يتصور تطبيقها عليه كالإعدام والحبس مثلا وان الشخص المعنوي وجد لتحقيق غاية معينة ومشروعة ولتحقيق هذه الغاية لايتطلب الأمر ارتكاب الجريمة ولا يتمتع الأشخاص الاعتبارية بالإرادة إلا في دائرة تنفيذ مهمتها فإذا ارتكبت الجريمة بمناسبة ممارسة نشاطها فان الذي يجرم هو فعل المشرفون عليه لا الشخص المعنوي نفسه فالدولة مثلا لايمكن أن تتابع جنائيا لان نشاطها لا يتوقف على الإجرام كوسيلة لتحقيق ذلك النشاط وإنما تجرم أفعال أعوانها وموظفيها إلا أن هذه الحجة انهارت أمام التطور الذي اظهر الشخص المعنوي إلى الوجود وكشف عن أنواع جديدة من الجرائم لأنه لايمكن أن يسعى قاصرا عن ابتكار عقوبات مناسبة لها
الفصل الثاني صور المسؤولية الجنائية
المبحث الاول المسؤولة الناقصة او المخففة
هناك حالات تنحرف فيها القوى الذهنية للفاعل دون حد فقدان التمييز او الاختيار ولكن الى حد تمتنع معه الأهلية الجنائية مما يثير مسالة التكييف القانوني للواقعة غير المشروعة الصادرة من ناقص الاهلية وبالتالي تحديد نوع المسؤولية الجنائية التي يخضع لها هؤلاء فهناك من يرى بان انطواء الارادة على عيب ينتابها لا يمنع من قيام الركن المعنوي للجريمة فنقص الاهلية بسبب نقص الادراك او الاختيار يستتبعه نقص في درجة العمد او الخطأ كأساس لاستحقاق العقاب لذلك فمن العدل لا يسأل الجاني ناقص الاهلية الا مسؤولية مخففة يقدرها المشرع او القاضي بحسب الاحوال وتعتبر المسؤولية التامة وللامسؤولية وتحتل منزلة وسط بينهما
المطلب الثاني المسؤولية المفترضة
نكون امام المسؤولية المفترضة او المسؤولية الموضوعية ما دام الركن المعنوي للجريمة يفترض وجود قصد جنائي آثم لدى الجاني يأخد أحد صورتين العمد والخطأ غير العمدي وان يتوافر هذا القصد الجنائي في اللحظة التي يباشر فيها الجاني ارتكابه لتصرف غير مشروع مما يجعل بالامكان خضوعه للمسؤولية الجنائية والعقاب في الحالات التي يحددها القانون وهناك راي في الفقه وجد ان انتفاء القصد الجنائي الآثم لدى الجاني لا يحول دون قيام المسؤولية الجنائية في بعض الجرائم وذلك لان الركن المعنوي انما يشترط لنوع معين من الجرائم هي التي تنطوي على الاهمال وعدم التحرر دون الجرائم التهديدية التي ينشاها نظام التجريم القانوني وتطبيقا للراي السابق فاننا اللامكان مسائلة الجاني في الحالة السابقة مادام هناك وجود لرابطة السببية المادية بين فعله والنتيجة الواقعة طبقا للمسؤولية المفترضة أو الموضوعية   كما ان اوضح معالم المسؤولية المفترضة تبدو في حالة الغيبوبة الناشئة عن تناول مواد محددة أو مسكرة
الفصل الثالث أسباب الاباحة و التبرير . موانع المسؤولية و موانع العقاب
علة الاباحة و أساسها
ان الأحكام تدور مع علتها وجودا و عدما فلكل جريمة علة هي الأساس في تجريم الفعل المكون لها و ادا انتفت انتفت معها الجريمة فمثلا علة تجريم السرقة تتمثل في حماية حق الإنسان في المحافظة على أمولاه منقولة كانت عقارية من أي عدوان يقع عليها فادا انتفت علة التجريم بأن خلت السرقة من العدوان كما ادا ثبت أن الأموال المسروقة هي ملك للسارق هنا يمكن القول ان العلة تتوفر ادا انتفت علة التجريم و يرى بعض الفقه أن أساس الاباحة في الفقه الاسلامي هي قاعدة مشهورة " الضرورات تبيح المحظورات" لأن الشريعة توجب على المرء أ ن لا يلقي بنفسه الى التهلكة و في الواقع ان تاسيس الا باحة على ترجيح مصلحة على أخرى و لعلة تتمثل في انتفاء علة التجريم يختلف عن تأسيسها على حالة الضرورة لان ارتكاب الفعل في حالة ضرورة ملجئة لا يمحو عن الفعل صفة الجريمة عنه انتفاء علة التجريم
مصادرالاباحة
ان النصوص التشريعية هي المصدر الاساسي للاباحة ومع ذلك يمكن القول ان للمصادر غير التشريعية دورا في مجال غالاباحة مرتبطا بدورها المحدود وقيمتها في نطاق المواد الجنائية فلاصل هو الا جرمة ولا عقوبة الا بنص لذا يمكن الاعتماد على العرف في استخلاص بعض اسباب الباحة مثل اللعاب الريضية وممارسة غير الاطباء لبعض انواع الاعمال الطبية كمهنة صانع الاسنان او القيام بعملية الختان او تنظيف الجروح واعطاء الحقن العضلبة وهذه انواع من الجراحة الصغرى ويرى بعض الفقه انه يمكن استعمال القياس في نصوص الاباحة لان القياس في حالات الاباحة امر يقضي المنطق.ويضرب مثالا لذلك كالشخص الذي يتعرض لاعتداء وشيك الوقوع على نفسه فيقاومه ويدفعه عن طريق غير قتل المعتدي او جرحه او ضربه كان يدفعه باتلاف سلاح المعتدي او حبسه الوقت الكافي لحضور الشرطة فالقول بخطر القياس هنا معناه وقوع المدافع تحي طائلة العقاب كما لو كان في ظروف عادية في حين انه لاعقوبة عليه مطلقا اذا هو قتل المعتدي او جرحه او ضربه ويضيف الاستاد عبد الله خضر ان نتيجة شادة لهذه النصوص ادا كانت تسمح بالدفاع الشرعي بافعال (جسيمة) فانها تسمح بالدفاع بافعال اقل جسامة
المبحث الاول اساس الاباحة او التبريرطبقا لمقتضيات الفصل 124
عرف الفقه اسباب الاباحة بانها"رخص قانونية تبيح او تبرر لمن توافرت لديه ان يرتكب فعلا او تركا جرمه المشرع الجنائي في نص من النصوص "
اذن يمكن القول ان انتفاء هذه   الاسباب شرط ضروري لقبام الركن القانوني في أي جريمة لان الفعل أو الامتناع حتى ولو وصفه المشرع الجنائي وصفا جنائيا فلا يمكن المسائلة عن والمعاقبة عليه بالتالي اذا قام لدى الفاعل احد الاسباب التي تبيح ارتكابه له فمثلا المشرع جرم الاعتداء على سلامة الجسم عمدا وذلك في الفصول (400 الى 403 ) والغية هي المحافظة على السلامة البدنية للاشخاص باعتبارها حقا طبيعيا لكن اذا هدد مرض من الامراض هذه السلامة او حياة المريض ذاتها فانه يباح للطبيب القيام بالعمليات الجراحية كبتر احد اعضاء المريض لكونه مصابا بداء السرطان وتوفر العمد لدى الطبيب ولو انها مجرمة بنصوص قانونية لان الطبيب في هذه الحالة يحاول بها تحقيق مصلحة اولى بالرعاية وهي المحافظة على حيات المريض اوسلامته الجسدية وقد تعرض المشرع الجنائي المغربي لآثر الاباحة ولبعض صورها في فصل 124 و125 كما اوضح من نص الفصل 124 السابق ذكره في الفقرة السابقة يتبين انها اشترطت لتوافر الاباحة شرطين الاول ان يكون الفعل قد اوجبه القانون والثاني ان تامر به السلطة الشرعية وقد تناولت حاللة الضرورة الى جانب ارتكاب الجريمة وحالة الدفاع الشرعي .
المطلب الاول تنفبد أوامر القانون
ان تنفيد امر اقانون يعتبر قياما بواجب يبرر ارتكاب مختلف الافعال التي اعتبرها المشرع جريمة من الجرائم وعاقب على اتينها فمثلا ضابط الشرطة القضائية أو قاضي التحقيق لما يقومان بواجبهما في اطار الاختصاصات المخولة لهما فيترتب على ذلك انتهاك لحصانة منزل من المنازل أو المساس بحرية شخص من الاشخاص فانهما لايعاقبان لان فعلهما لا يعد جريمة ولانهما نفذا ما امر به القانون لكن المطلوب هنا هو ان تكون الاجراءات التي بوشرت من طرفهما اثناء القبام بذلك قد احترمت فيها الضمانات التي يقررها القانون صيانة لحرمات المساكن ولحريات الافراد وحقوق الانسان.
الفقرة الاولى المقصود بأمر القانون
بالنسبة لتحديد المقصود بأمر القانون يلزم توضيح مسألتين هامتين 
اولا انه لايقصد بامر القانون الحلة التي يوجب فيها المشرع في نص صريح فعل شئ أو الامتناع عن فعله فقط وانما يمتد ليشمل الحالة التي يجيز أو يبيح فيها اتيان الفعل أو الترك دون الزام بذلك فمثلا من شهد شخصا يسرق فقام بالقبض عليه وسلمه الى مركز الشرطة او للنيابة العامة فهذا الشخص العادي الذي قام بهذا العمل لايعتبر ذلك واجبا عليه قانونا لانه غير مكلف بالقاء القبض على المجرمين وانما مرخص له بذلك فقط فان هو فعل فلا يكون معتديا على حرية احد لانه امتثل للاكر الضمني للقانون ما دام هذا القانون قد اجاز له القاء القبض على المجرم المتلبس بالجرم المشهود
ثانيا كما انه لايقصد به تنفيذ الامر الذي يستفاد منه نص تشريعي صادر عن مجلس تشريعي مثلا وانما المقصود ان تفهم لفظة قانون بمعناه العام بحيث تشمل الامر المستفاد من القرارات الصادرة عن السلطات العمومية عموما فمثلا القرار الوزاري الذي يلزم الاطباء بالتبليغ او الاخبار عن كل حالة مرض معد تظهر لهم عند قبامهم بالكشف عن المرضى كحالة داء فقدان المناعة (السيدا او الادز) فعندما يقوم الطبيب بالتبليغ عن حالة معدية اكتشفها اثناء فحصه لمريض فان فعله هذا يكون مامورا بذلك قانونا ولايحتج عليه في هذه الحالة بكونه قد خرق واجب الالتزام بالسر المهني
الفقرة الثانية شروط التبرير في حالة تنفيذ هذا الامر
بالرجوع الى نص الفصل 124 من القانون الجنائي نجده في الفقرة الاولى
قد برر الفعل الفعل المكون لجريمة من الجرائم اذا كان القانون هو الذي اوجب هذا الفعل وبان تكون السلطة الشرعية قد أمرت به ومقتضى هذا وبحسب صياغة الفقرة السابقة ان امر القانون وحده لايكفي لقيام هذا السبب للتبريرالذي يتوقف على اجتماع شرطين أو عنصرين معا على الاقل ظاهريا –وهما امر القانون اولا وامر السلطة الشرعية ثانيا فان هما توافر معا انتهى الامر حيث يكون الفعل اذ ذاك مبررا بلا خلاف عملا بالنص السابق غير انه يطرح الاشكال عندما يتوافر احد العنصرين فقط دون الآخر كأ، يقوم أمر القانون دون أمر السلطة الشرعية أو اذنها او العكس ففي مثل هذه الحالات هل نكون أمام سبب تبرير أم لا؟   الواقع أنه على الرغم من ان ظاهر النص يتلب لقيامالتبرير في هذه الحالة اجتماع أمر القانون وأمر السلطة الشرعية معا فان الاكتفاء بامر القانون وحده يكون احيانا كثيرة كافيا لتوافر التبرير دون أمر السلطة الشرعية أما العكس فيبدو بأنه غير صحيح.
المطلب الثاني حالة الضرورة والقوة القاهرة
نص المشرع الجنائي المغربي في الفصل 124 على حالة الضرورة والقوة القاهرة حين قال
"لاجناية ولاجنحة ولامخالفة في الاحوال الآتية... حالة استحال عليه معها استحالة مادية اجتنابها وذلك لسبب خارجي لم يستطيع مقاومته".
اولا حالة الضرورة
يقصد بحالة الضرورة تلك الواقعة التي يرتكب فيها الشخص فعلا يجرمة القانون الجائي ادى بفس الغير او ماله ويكون الفعل مضطرا الى ارتكاب هدا الفعل المجرم بقصد المحافظة على حياته او ماله فمن يسرق من اجل سد الرمق حتى لايموت جوعا لايموت جوعا لايمكن ان يعامل على اساس انه سارق و كذلك الشخص الذي يتعرض لاعتداء فيضطر للدفاع عن ماله او شرفه فانه لايعتبر مجرما واساس مبدأ تبرير الفعل المرتكب تحت تأثير حالة الضرورة تنازعه في الفقه عدة اراء فهناك من يرى ان الشخص الذي يرتكب الجريمة تحت وطأة الضرورة يكون واقعا تحت تأثير الاكراه المعنوي وآخر يذهب الى انه لاتوجد اية فائدة في معاقبة شخص في هذه الحالة لانه غير مجرم اصلا حيث لاحاجة بالتالي الى اصلاحه بالعقاب وآخر يرى ان الاخذ بالضرورة يعلل على اساس دفع الضرر الاشد بالضرر الاخف على اعتبار ان المجتمع حين يتنازع حقان ليس من مصلحته عقاب من يحافظ على الحق الاهم او في الاقل المساوي للحق الذي وقعت التضحية به
أ _شروط تبرير الفعل المجرم
أ_ان يكون الخطر جسيما وحالا يهدد النفس او المال
يجب ان يكون الخطر جسيما وحالا يهدد النفس او المال ووجود الخطر ومدى جسامته امر (واقع) يرجع في شأنه الى القضاء الذي ينظر الدعوى ويأخد بعين الاعتبار ظروف الجاني الجسيمة والنفسية الصحية والاجتماعية والثافية
ويكون الخطر الجسيم حالا او قائما اذا كان محققا ووشيك الوقوع اما اذا كان قد اصبح متجاوزا ولم يعد يخشى منه أي خطر فلا مجال للتذرع بحالة الضرورة بعد ان زالت لارتكاب الجريمة وليعتبر الخطر الجسيم والحال من الاسباب المبررة فلابد من ان يهدد النفس او المال فالامر سواء
ب_ان لايكون الخطر مشروعا
فاذا كان التعرض للخطر مما يوجبه القانون على الشخص فلا يمكن والحالة هذه قبول ادعائه بانه تجنب الخطر لوجود في حالة ضرورة فالجندي الذي يفر من وجه العدو اثناء المعركة او يؤذي نفسه كأن يضرب رجله برصاصة حتى يدخل الى المستشفى ولا يواجه العدو فانه لايقبل منه التذرع بحالة الضرورة في سبيل انقاذ حياته لان القانون يامره بمواجهة العدو بصلابة وتفان واخلاص ولو ادى الامر الى انهاء حياته
ج_ان لايكون فاعل الجريمة هو المتسبب في الخطر
اذا كان الفاعل هو المسبب في الخطر تكون حالة الضرورة منتفية تماما فمن يضرم النار في بيته لا يجوز له ان يرتكب جريمة بقصد المحافظة على نفسه او امواله اذا هو لم يستطع السيطرة على هذه النيران اما اذا كان الخطر لم ينشا عن خطأ مقصود من طرف الفاعل فان له ان يتذرع لحالة الضرورة للارتكاب الجريمة كمن تنفجر في بيته قنينة الغاز فيضطر للخروج عاريا بدون ملابس لايعتبر مرتكبا لجريمة الاخلال العلني بالحياء لبيت الغير للاحتماء من النيران لايعتبر منتهكا لحرمة هذا المنزل
د_ ان تكون الجريمة هي الوسيلة اوحيدة اتجنب الضرر الناجم عن الخطر
يجب الا يكون في امكان مدعى الضرورة اللجوء الى اية وسيلة اخرى تغني عن ارتكاب الجريمة ولم يتم اللجوء اليها ابتداء فانه يعتبر مرتكبا لجريمة غير مبررة كذا يلزم ان تكون الجريمة هي الوسيلة الوحيدة لتجنب الضرر الناجم عن الخطر الذي هدد الشخص حتى يكون ارتكاب الجريمة مبررا
ه_ يلزم ان يكون ما وقع التضحية به عن طريق ارتكاب الجريمة دون ما استهدف المحافظة عليه من حيث القيمة او على الاقل يكون مساويا له والا ما قامت حالة الضرورة التي تبررارتكاب الجريمة ومثال ذلك من يضحي بحياة انسلن قصد انقاذ منزله من النيران حيث لاتتوفر هنا حالة الضرورة والربان الذي يرى ان المركب يوشك ان يغرق من الثقل فيرمي ببعض الاشخاص في البحر لايعتبر في حالة ضرورة لانه كان بامكانه ان يلقي البضائع المشحونة في البحر من اجل انقاد السفينة ففي هذه الحالة يكون فعله مبررا اما في الحالة الاولى فلا يكون فعله مبررا
ثانيا القوة القاهرة
عبر المشرع المغربي عن القوة القاهرة بالحالة التي يستحيل معها على الفاعل ماديا اجتناب الفعل بسبب خارجي لم يستطع مقاومته بحيث لم يستعمل مصطلح القوة القاهرة ويستعمل احيانا مصطلح "الاكراه المادي" او" الحادث الفجائي"او "القوة الغالبة" بدل مصطلح القوة القاهرة وكلها تفيد معنى واحد هو ان الشخص لم يستطع مقاومة السبب الخارجي عنه والذي ألجأه الى ارتكاب الجريمة ومثال ذلك الشخص الذي يستدعي قضائيا لاداء الشهادة لكنه لا يحضر لا لانه لم يرغب في ادائها ولكن بسبب سقوط الثلوج التي ادت الى قطع المواصلات حيث لايرتكب اية جريمة لان واقعة قطع الطريق بسبب تساقط الثلوج تشكل بالنسبة اليه قوة قاهرة وهي سبب تبرير وتجدر الملاحظة الى ان المشرع المغربي في الفقرة الثانية من الفصل 124 لم يشر الا لاستحالة الدفع كشرط في القوة القاهرة دون اشتراطه لاستحالة التوفع فيها كما فعل المشرع المدني في الفصل 269 من ق ل ع
المطلب الثالث الدفاع الشرعي
ان فكرة الدفاع الشرعي عرفت لدى اغلب التشريعات الوضعية وقد نص المشرع المغربي الجنائي عليها في الفقرة الاخيرة من الفصل 124 ما يلي " اذا كانت الجريمة قد استلزمتا ضرورة حالة الدفاع الشرعي عن نفس الفاعل او غيره او مال غيره بشرط ان يكون الدفاع متناسبا مع خطورة الاعتداء" فمن خلال هذه الفقرة يتبين انه لنكون امام حالة دفاع شرعي يجب توافر شروط هي وجود خطر وكونه حالا واقتصار الدفاع على الاعتداء وان يكون الاعتداء على النفس او المال
اولا وجود خطر اعتداء ضد نفس الشخص او غيره او ماله او مال الغير بمعنى ان الدفاع الشرعي يكون ضد اعتداء على النفس او المال أي ضد جريمة اما اذا كان الفعل الذي يتم به التهديد ليس جريمة كمأمور التنفيد الذي يحجز اموال المحكوم عليه فلا وجود للدفاع الشرعي وكذلك الامر بالنسبة للشرطي الذي يلقي القبض على الجاني والجندي الذي يتولى تنفيذ حكم الاعدام وفق الاجراءات القانونية فلا يمكن مقاومة هؤلاء الاشخاص بحجة الدفاع الشرعي لان الدفاع لايكون الا ضد المعتدي ومن يستعمل حقا او ينفذ القانون لا يعتبر معتديا الا لنه اذا كان الاعتداء نشأ الحق في الدفاع الشرعي ولو كان المعتدي غير مسؤول جنائيا كالصغير والمجنون ومن يتمع بعذر معف من المسؤولية ويكفي ان يعتقد المدافع وجود هذا الاعتداء ولو لم يكن موجودا في الواقع بشرط ان يبني اعتقاده على قرائن مقبولة
ثانيا يلتزم ان يكون الخطر حالا أي وشيك الوقوع بحيث لايكون امام المدافع وقت للالتجاء الى السلطة او حماية نفسه او الضحية من المعتدي بوسيلة اخرى وبما انه لا يكون هناك دفاع شرعي قبل الاعتداء بمدة طويلة كذلك الامر بعد انتهاء الجاني من تنفيذ الجريمة لا بيقى للضحية او غيره حق في الدفاع لانه يعتبر انتقاما
ثالثا   ان يكون فعل الدفع متناسبا مع الاعتداء يجب ان يقتصر الدفاع على القدر الضروري لدفع الاعتداء وهذا الشرط مؤداه ان لا يغالي المدافع فيلحق بالمعتدي اضرار تتجاوز خطر الاعتداء الذي كان مهددا به فمثلا الشروع في الاعتداء على المال لا يناسبه الدفاع بالقتل والمحكمة هي التي تقدر فيما اذا كان هناك تناسب بين فعل الاعتداء وفعل المدافع ومراعاة الظروف المحيطة بكل ذلك
رابعا ضرورة ان يكون الاعتداء منصبا على النفس او على المال ومعنى هذا الدفاع الشرعي لا يتحقق عند رد الاعتداء على الشرف او الاعتبار لان مقتضيات الفصل 124 لا تشمل هذا النوع من الاعتداء الغير المرفق باعتداء مادي على شخص الضحية وهذا بتحقق في الحالتين التاليتين
1-الحالة التي ينعدم فيها الاعتداء المادي نهائيا كالسب والقذف
2- حالة ممارسة الفعل المادي برضاء المعني بالامر (شرط ان يكون رضاء من يمارس عليه الفعل المادي معتدا به أي تام الإدراك والتمييز) هذا وفد تعرض الفصل 125 قانون جنائي لحالتين للدفاع الشرعي هما التاليتين
أ_القتل او الجرح او الضرب التي يرتكب ليلا لدفع تسلق او كسر حاجز او حائط او مدخل دار او منزل مسكون او ملحقاتهما
ب_ الجريمة التي ترتكب دفاعا عن نفس الفاعل او نفس غيره ضد مرتكب السرقة او النهب بالقوة
مما سبق نستنتج ان الشخص كلما وجد في حالة من الحالات التي أتى بها النص الوارد اعلاه واستعمل أي قدر من القوة في مواجهة العدوان فان على القاضي التسليم بان من رد العدوان كان في حالة دفاع شرعي صحيحة وان على من يدعي العكس ان يثبته
المبحث الثاني اسباب التبرير التي لم يتعرض المشرع في المادة 124
ان اسباب التبرير الواردة في الفصل 124 لم يقصد بها الحصر وانما الاشارة الى اهم هده الاسباب فقط خاصة وان بعض الوقائع التي تعتبر مبررة لافعال مكونة لجريمة من الجرائم ودون ان يكون المشرع قد بررها بعبارة صريحة وذلك كله قياسا على حالات مبررة واردة في القانون
المطلب الاول اسباب التبرير الناجمة عن استعمال الحق
من اشهر اسباب التبريرالناجمة عن استعمال الحق في الفقرات الموالية حق التاديب في افقرة الاولى وممارسة مهنة الطبيب في فقرة الثانية والحق في ممارسة الالعاب الرياضية في فقرة ثالثة
الفقرة الاولى حق التأديب
من اهم حالات استعمال حق التأديب تأديب الاب والام لابنائها وتأديب المعلم للتلميذ في المدرسة وتأديب الصانع لمتعلم الحرف وممارسة هدا الحق تقتضي المساس بسلامة جسم المؤدب ولا يعتبر مع ذلك هذا المساس جريمة معاقب عليها جنائيا وانما يعد فعلا مبررا الا ان حق التأديب هدا المخول للاباء ومن في حكمهم على الصغار لا يجوز اللجوء اليه من اجل التقويم والتهذيب أما ان هو تجاوز هذه الغاية واصبح العنف او الاذى الناجم عنه مقصودا لذاته وبعيدا عن المتوخاة منه التي هي التقويم والاصلاح كنا امام اساءة صادرة من المؤدب وهي التعسف في استعماله لهذا الحق مما يوجب مسائلته جنائيا فاذا تجاوز الوالد حدود التأديب الباح حق عليه العقاب المقرر لجريمة الضرب العمد
الفقرة الثانية حق ممارسة مهنة الطب
ان مهنة الطبيب تتمثل في كل ممارسة او مشاركة بصفة عادية او بتدبير منتظم في مغلجة امراض او اصابات جراحية وفي مزاولة مهنة جراحية الاسنان او التوليد والمداواة بالاشعة والتحاليل المخبرية وتجيز مهنة الطبيب لصاحبها اتيان اعمال تعد بحد ذاتها جرائم كما في حالة الطبيب الجراح الذي يشق جسم المريض لاستئصال الورم منه او اخذ جزء من الكبد لاجراء فحوص طبية او الطبيب الذي يصف للمريض وصفة طبية تشتمل مواد سامة او ممنوعة المريض من استعمالها بسبب اصابته مثلا بمرض السكر فهذه الافعال تعتبر مبررة حتى في حالة ما اذا نتجت عنها نتائج خطيرة كوفاة المريض او حدوث عجز له ولكن ومع ذلك فالطبيب ملزم بممارسة مهنة الطب وفق التشريعات الطبية واعراف المهنة الواجب مراعاتها فلا يسمح بالالتجاء الى الوسائل التضليلية للمريض بقصد اقناعه باجراء عملية جراحية مثلا او تناول بعض الادوية
الفقرة الثالثة الحق في ممارسة الالعاب الرياضية
طبيعي ان من حق كل انسان ان يمارس النوع المفضل لديه من انواع الالعاب الرياضية غير ان ممارسة بعض هذه الانواع من الرياضات تتطلب استعمال العنف من طرف المتنافسين كل في مواجهة الآخر كما هو الشأن بالنسبة للمصارعة والملاكمة وغيرها وبديهي ان لايعتبر العنف او الاذى فعلا مجرما ولو انه يمس بالسلامة الجسدية للمتبارين وتجدر الملاحظة ان تبادل الاذى واستعمال العنف اذا كان في حالة الالعاب الرياضية وهي حالة خاصة مباحة احتراما وصيانة للحق المخول لكل شخص في ان يمارس الرياضة التي يشاء فان ذلك مشروط بشرط ان يكون نوع الرياضة معترف به قانونا كما يجب ان تكون القواعد التي ينبغي على اللاعب الممارس اتباعها واحترامها منظمة وواضحة حتى لاتشكل ممارسة أي نوع من الرياضة خطرا على احد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جرائم الإيذاء العمدي

النظريات المفسرة للسلوك الاجرامي

علاقة علم العقاب بباقي فروع العلوم الجنائية الأخرى